الترجمة الإبداعية
تعتبر الترجمة الإبداعية رمز الفخامة في عالم الترجمة والتحويل اللغوي وتعدّ خدمة مخصصة في مجال التسويق.
إن العبارة التي نشير إليها من خلال “الترجمة الإبداعية” تعرف باللغة الإنجليزية ب “transcreation”، مصطلح ظهر في وسط القرن الماضي للتعبير عن ترجمة المحتوى الإبداعي الذي يجمع بين الترجمة، إعادة الصياغة وتوطين المحتوى في لغة أخرى للحصول على الوقع والتأثير المطلوب من النص الأصلي لدى ثقافةٍ مختلفة.
فعلى المترجم الإبداعي، لكيلا نقول الكاتب، أن يقدّم للقارئ ترجمةً تعيد إحياء النص الأصلي عبر ترجمة خفايا النص ومعانيه المضمرة التي تختبئ بين مختلف العبارات المستخدمة فيه. ويمكن اللجوء إلى هذه الطريقة في الترجمة للوصول إلى أهدافٍ مختلفة لتحفيز القارئ على الشراء أو الالتزام، أو أخذ قرارات معينة تتعلق بموضوع النص.
أهمية الترجمة الإبداعية، ومتى يتعين علينا استخدامها
كيف نعرّف الترجمة الإبداعية؟ هي توطين، وإعادة كتابة النص وبناءه ليتوافق مع الثقافة المعنية من دون الانحراف عن المعنى والأسلوب والسياق المعتمد في النص الأصلي. فعلى الرسالة المرغوب نقلها، أن تصل عبر النص الهدف، بتناغمٍ تامٍ مع الثقافة التي تتلقاها.
فمن البديهي إذاً أن نستخدم الترجمة الإبداعية أو ال”transcreation” في مجالات التسويق والإعلان. وبذلك نتفادى تحرير ترجماتٍ خاطئة أو عشوائيةٍ قد تفسد عمل المؤسسة الدؤوب على مر السنين. فالأمثلة عن الترجمات الخاطئة في عالم التسويق لا تعد ولا تحصى، والبعض منها مضحكةٌ لدرجة اكتسابها شهرةً عالميةً. لكن الفرق الشاسع بين كلفة التوطين أو التعريب في حالة اللغة العربية، وكلفة الترجمة الإبداعية، ليس بأمرٍ مضحكٍ، أو مزحة.
نأخذ على سبيل المثال شركة كوورس لايت (Coors Light) ومحاولتها لترجمة شعارها “Turn it loose” المستخدم لمبيعات مشروباتها في الولايات المتحدة الأميركية والذي يعني “أطلق العنان”، إلى اللغة الإسبانية. ما لم يكن في الحسبان، هو أن الترجمة الإسبانية قد دعت القراء إلى إطلاق شيء مختلفٍ كلياً…إطلاق العنان لأمعائهم…أي دعوة للتغوط! لكن هل نريد فعلاً دعوة الزبائن للمعاناة من الإسهال عند العمل في تجارة الأطعمة والمشروبات؟
نجد أيضاً هفوة إعادة صياغةٍ أخرى لدى أميركن أرلاينز (America Airlines) في ترجمة شعارها “Fly in Leather” لتسويق مقاعد الدرجة الأولى المصنعّة من الجلد. لكن، ترجمته الإسبانية “Vuela en cueros” أثارت نوعاً من الدهشة في أميركا اللاتينية حيث فهم عددٌ كبيرٌ من الجماهير أنه قد تمت دعوتهم للطيران…عراةً!
كيف يصبح المترجم، خبير ترجمة إبداعية؟
في يومنا هذا، يعتقد البعض أن وتيرة تطور الذكاء الاصطناعي تدفعنا نحو ثورةٍ صناعيةٍ جديدةٍ. لكن على الرغم من التقدم الهائل الذي شهده الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي الذي سمح للآلة اليوم أن تبني قصصاً من العدم، تتفوق عليها حتى اليوم، قدرات ومواهب المترجم الإبداعي الذي وحده يترك أثراً حقيقياً لدى القارئ.
فطالما لم تكن الآلة قادرةً على الفلسفة، يبقى عنصر أساسي مفقودٌ في الكتابة. وهل يعني ذلك أن المترجم الإبداعي فيلسوف؟ ربما! لأنه يفكر، يتساءل ويشكك بكافة المعطيات والمعلومات، على عكس الآلة.
إذ على المترجم الإبداعي أن يكون مترجماً بارعاً وعلاوةً على ذلك، كاتباً ماهراً وموهوباً. وعلى الرغم من أنه يكتب بلغته الأم، على المترجم الإبداعي السكن في الدولة التي سينشر فيها النص الهدف ليكون على علاقة وثيقة بالثقافة والشعب والمجتمع ويكون على علمٍ بآخر التطورات والأحداث.
منهجية الترجمة الإبداعية أو الTranscreation
– تنطلق العملية من مفهوم إبداعي، موجز معلومات، والنصوص والشعارات ذات صلة في اللغة الأصلية.
– يحلل قائد المشاريع صيغة الملفات والمحتوى المطلوب، ثم يتم إحصاء عدد الكلمات وتقديم النصائح للعميل حول المتطلبات اللوجستية. تحدد من بعدها الأسعار لخدمة الترجمة الإبداعية والترجمة التقليدية عند الاقتضاء. يعتمد تحديد سعر الترجمة الإبداعية كما للترجمة الكلاسيكية، على عوامل مختلفة كالقطاع المهني، التركيبة اللغوية والثقافات المعنية، ومهلة إنجاز المشروع. وعلى الرغم من حاجة الاستعانة بخدمات الترجمة الإبداعية في المراحل التمهيدية للمشروع، غالباً ما يتم استدعاء المترجم الإبداعي في المراحل النهائية من المشروع من قبل قائد المشاريع.
– يتم اختيار المترجم الإبداعي وفق تخصصه في المجال المهني المعني. يحلل إذاً المترجم عناصر المشروع المختلفة ويلفت انتباه قائد المشاريع على المعلومات أو التفاصيل التي يجب تفاديها لدى الجمهور الهدف كألوانٍ معينة، صورٍ، عباراتٍ أو شعارات.
– تبدأ عملية الترجمة الإبداعية بعد هذه المرحلة التمهيدية والتحضيرية. لا تتضمن عملية الترجمة الإبداعية أي برامج أو أدوات ترجمة بمساعدة الحاسوب.
– التصحيح والتدقيق: بعد المسودة الأولية، يقوم المترجم بعملية تصحيح وتدقيق لأي شوائب بهدف تحسين النص الأولي. تضمن هذه العملية إعادة بناء بعض الجمل، تعديل تسلسل الأفكار والتأكد من استخدام المصطلحات الصحيحة للحرص على حسن تماسك النص.
أما إن كان المترجم يعمل على ترجمة شعار أو نصٍ قصير، غالباً ما يقدّم خيارات متعددة (إثنين أو ثلاثة)، بالإضافة إلى تفسيرات وملاحظات تفسيرية ليتمكن صاحب أو وكيل الإعلان اختيار النسخة الأكثر توافقاً مع طلبه ورؤيته.
الترجمة الإبداعية والترجمة الكلاسيكية
قد يقول البعض أن الترجمة الإبداعية هي بكل بساطةٍ هيئة الترجمة الصحيحة. غير أنّ هذه “النظرية” ليست إلا بوجهة نظرٍ مبسّطة وحتى خاطئة تجاه العناصر المختلفة التي تدخل في التحويل اللغوي. إنّ الترجمة التقليدية أو الكلاسيكية لا تسمح بأي تغييرٍ بالنص أو تعديلٍ بمعانيه بهدف الحصول على ردة فعلٍ من القارئ. أما الترجمة الإبداعية أو ال”transcreation” لا تحد من التعديلات من النص الأصلي إلى النص الهدف للوصول إلى الغاية المطلوبة.
ولأن أهداف عملائنا الدوليين تختلف، تقدم وكالتنا أربع مستويات مختلفة من الترجمة وفق حاجة العميل. إذ علينا، كقاعدة عامة، اعتماد الترجمة الإبداعية لأي نصٍ يتطلب إقناع القارئ بالرسالة التي يحملها.
– إعلانات المشاريع، النصائح الاستراتيجية، البيانات والملفات الصحفية، الكتيبات والملصقات الإعلانية، والإعلانات المتلفزة وعلى الراديو.
– مشاريع النشر، المقالات في المجلات، المقالات الافتتاحية، ومقالات الرأي.
– المشاريع البالغة الأهمية والمتخصصة: غالباً ما تكلف الترجمة الخاطئة أضعاف ثمن الترجمة بحد ذاتها.
– المشاريع التي تتصف بأسلوبٍ لغويٍ شديد الدقة والأناقة من المطلوب محاكاته في اللغة الهدف.